الأحداث
أخر الأخبار

وترجل تور الجامع

الدكتور عبدالمحمود أبو فى نعي تور جامع

((وترجل تور الجامع)

بقلم د. عبدالمحمود أبّو إبراهيم

قال تعالى:(( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ  آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ  كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ  وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ  وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ))

الإنسان لا يُقَيَّم بمظهره:”لونه – شكله – حجمه- طوله.. إلخ” وإنما بعقله وأخلاقه وتعامله، رحل عن الفانية أمس الثاني عشر من رمضان 1444ه الحبيب القرآني التقي النقي المتواضع الداعية يوسف النور حامد المعروف (تور جامع) وبرحيله فقدت الدعوة أحد منتسبيها الذي نذر حياته لخدمتها قولا وفعلا؛ إنني أسجل على شاهد قبره مودعا الآتي:

أولا:يوسف النور من الرعيل الأول من أبناء دارفور الذي حفظ القرآن الكريم في وسط السودان والتحق بمعهد شروني للقرآن الكريم وعلومه، وهو معهد يشترط للقبول فيه حفظ القرآن الكريم كاملا؛ لأنه فضلا عن تدريس العلوم الشرعية، متخصص في تعليم القراءات التي ألف فيها الإمام الشاطبي كتابه “حرز الأماني ووجه التهاني” في مائة وثلاثة وسبعين بيتا التزم فيه قافية واحدة. تخرج الحبيب يوسف النور من هذا المعهد بعد أن قضى فيه ست سنوات حصل فيها على الشهادة الأهلية قراءات (الشهادة الثانوية)

ثانيا: عاصر الراحل يوسف النور طلاب معهد شروني الأوائل الذين كانوا قدوة حفظة القرآن الكريم في التزامهم وجديتهم وانتشارهم في مساجد العاصمة حيث تطوروا أداء ائمة المساجد تلاوة وخطابة، وكان شيخه حبيبنا أبوبكر إبراهيم صالح “عبود” شيخ خلوة الإمام عبدالرحمن المهدي بودنوباوي في نهاية السبعينات وبداية ثمانينيات القرن العشرين.

ثالثا: حصل على درجة البكالوريوس من كلية أصول الدينansarsudan.org في جامعة أم درمان الإسلامية وانتظم الحبيب يوسف النور في تنظيم الطلاب الأنصار الذين قادوا التجديد في هيئة شؤون الأنصار عبر أمانة الدعوة والإرشاد وكان يصلي التراويح بالجزء في زاوية الحبيب الراحل حامد البحيري في أم بدة الحارة الخامسة، ويشارك زملاءه في تنفيذ برامج الهيئة في تقديم دروس في المساجد وشارك في معظم القوافل الدعوية التي طافت أقاليم السودان المختلفة، والتي كان لها أثر كبير في تطوير الخطاب الدعوي وتجديد أساليب الدعوة.

رابعا: تدرج في أمانة الدعوة بهيئة شؤون الأنصار فأصبح رئيسا لشعبة الفتوى، وشارك خطيبا في مسجد الإمام عبدالرحمن المهدي في سنين الشدة، وتعرض للاعتقال في سني الإنقاذ العجاف صابرا محتسبا، كذلك كان عضوا منتظما في جلسة الثلاثاء التي نظمها الحبيب الإمام الصادق المهدي عليه الرحمة للدعاة والكوادر الشبابية في بداية التسعينات حيث تشرب الفكر الأنصاري في ثوبه التأصيلي المعاصر، ونفذ عددا من حلقات التدريس في التحفيظ والفقه والتفسير.

خامسا: قام بدور كبير في استضافة طلاب العلم الشرعي في مكان إقامته عندما كان إماما وخطيبا لمسجد رجل البر الراحل الحبيب يحيى عبدالنبي بنجوس في أم بدة، حيث أقام معه عدد كبير من طلاب المعاهد والجامعات من كل الوان الطيف ومن كل المدارس، وكان يعاملهم جميعا معاملة واحدة دون تمييز، تعلموا منه علوم الشرع وحسن المعاملة وأخلاق الداعية.

سادسا: شرفني في عام 1991 بزيارة أهلي في مدينة غبيش مشاركا لي في زواجي هو والأحباب عبدالله بركات وطه أحمد محمد ومحمد أحمد عوض الكريم، وقد احتفى بهم الأهل، وتركوا ذكريات طيبة لدى الأهل لاتنسى لازالوا يلهجون بها وعزوني في وفاته.

سابعا: امتاز الحبيب يوسف النور بدماثة الأخلاق والتواضع السخاء، وكانت الابتسامة لا تفارق وجهه، فأحبه كل من عرفه وترك سيرة طيبة لدى جميع عارفي فضله، وقد سماه سيدنا عبدالله إسحق رحمه الله (نور الجامع) لجودة حفظه وللنور الذي ارتسم على وجهه بفضل تلاوته للقرآن.

اللهم إنا نشهد أن عبدك يوسف النور كان من الموطئين أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، وكان واصلا لأحبابه، تقيا نقيا متواضعا، امتحنته بالمرض فصبر ولم يجزع اللهم أرحمه واجعل القرآن أنيسا له في قبره وشفيعا له يوم الهول الأكبر، اللهم الحقه بمقام عبادك الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم بارك في زوجه وأبنائه وبناته ومحبيه وكيانه وأصدقائه وارحامه وعارفي فضله. وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ  ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً  فَادْخُلِي فِي عِبَادِي  وَادْخُلِي جَنَّتِي))

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى