الخطب

خطبة عيد الفطر المبارك الموحدة للعام 1445هـ

بسم الله الرحمن الرحيم هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد خطبة عيد الفطر المبارك الموحدة للعام 1445هـ

أعوذ بالله من الشيطن الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد

خطبة عيد الفطر المبارك الموحدة للعام 1445هـ

وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا؛ الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله خلق الإنسان ليعمر الأرض بموجب الاستخلاف ويؤدي الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد، والصلاة والسلام على نبي الرحمة القائل في حجة الوداع:” إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت، اللهم أشهد فليبلغ الشاهد الغائب” صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد؛

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

جاء العيد هذا العام وأهل السودان يعمهم الحزن بسبب الحرب التي لا يعرفون مقاصدها حتى هذه اللحظة، وقد أدخلت الحسرة في كل بيت من بيوت السودان بسبب فَقْدِ أحد أفراد الأسرة أو فقد صديق أو عزيز أو من المعارف، وهنالك بعض الأسر قُتلت بكاملها، وآخرون فقدوا دورهم وأموالهم وممتلكاتهم ووسائل كسبهم، ولولا أن العيد شعيرة إسلامية لما احتفلنا به هذا العام، ولكننا راضون بقضاء الله إن لم يكن به علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيته أوسع لنا، فنقول يا ربنا إننا راضون بقضائك ونتطلع إلى رحمتك فأمرنا بيدك وخلاصنا عندك يا رب العباد وقد فوضا أمرنا إليك فأحسن حالنا فيما يرضيك.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

نفرح بالعيد رغم المأساة، نفرح بانقضاء شهر الصيام الذي جعله الله موسما للطاعات، ومحرقة للذنوب، وفرصة للتوبة والترقي لعالم الملكوت، قال تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ” نفرح بتوفيق الله لنا على أداء الصيام وأعمال البر في الشهر الكريم، نفرح بنعم الله الكثيرة علينا التي لا تُعَد ولا تحصى ونسأله تعالى قبول الأعمال والعتق من النار.

الصيام موسم للتزكية وتغيير العادات الضارة، والتشبه بالملائكة والإحساس بحاجة الفقراء، وشهر الصيام موسم للمراجعة والتخلص من السلبيات وتنمية الإيجابيات، ومن مقاصد الصوم تدريب المؤمنين على تحمل الصبر والتحلي بمكارم الأخلاق؛ قال صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم”.

لقد أنزل الله القرآن في رمضان، إن ارتباط الصيام بالقرآن يشير إلى تكاملهما في تهذيب النفس الإنسانية، فكل ذبول للجسد يعقبه سمو للروح، وتلاوة القرآن ترفع صاحبها مكانا عليا، قال صلى الله عليه وسلم: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان”

وشهر رمضان موسم لأعمال البر من صلة الأرحام، والتواصل بين المعارف والأصدقاء، والإكثار من الصدقات، والعطف على الأرامل والمساكين وأبناء السبيل، وفي هذا العام ازدادت الحاجة بسبب الحرب التي شردت الملايين، وأفقرت الأغنياء وزادت الفقراء فقرا، إن واجب الوقت هو الانفاق في كافة الضرورات مثل الغذاء والدواء والكساء والمأوى وجبر الضرر، قال صلى الله عليه وسلم: ” من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.

أمرنا في نهاية الصيام بإخراج زكاة الفطر للتأكيد بأن العبادات مرتبطة بمقاصد اجتماعية، وزكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، وهي صاع من غالب قوت أهل البلد وقد قُدِّرت قيمتها هذا العام بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه، لسكان العاصمة، وبقية الولايات تقدرها حسب أسعار القوت الغالب فيها من الذرة والقمح والدخن؛ والكيلة تكفي لخمسة أشخاص؛ هذا التقدير هو الحد الأدنى ومن زاد زاده الله قال تعالى:” فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ” والفدية للذين لا يستطيعون الصيام بسبب المرض أو الكبر وجبتين عن كل يوم ومن أخرج القيمة فهي أنفع للفقراء والمساكين، ومن توسع في الانفاق يوسع الله له.

الحديث:

قال صلى الله عليه وسلم: ” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”

أو كما قال.

يغفر الله لي ولكم وللمسلمين

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم

وبعد؛

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ” وقال صلى الله عليه وسلم : “إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبلا فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه،” فقال رجل: يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: ” يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينجُ إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت” فقال رجل: يا رسول الله أريت إن أُكْرِهْتُ حتى يُنْطَلَقَ بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: ” يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار”

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

منذ أن اندلعت الحرب في بلادنا بين الجيش والدعم السريع قبل عام؛ أصدرت هيئة شؤون الأنصار بيانا في اليوم التالي وبينت أن هذه الحرب فتنة بين أبناء الوطن الواحد وستقضي على الأخضر واليابس، وطالبت بإيقافها وحل الخلاف بالوسائل السلمية، واضعة أمامها النصوص الشرعية المبينة للحكم الشرعي في هذه الحرب مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا التقى المسلمين بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار” وقوله صلى الله عليه وسلم: ” لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار” ومن القرآن الكريم قوله تعالى: “وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً” وقوله تعالى: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً” اتخذنا هذا الموقف والحرب في أولها وقلنا إن عدم إيقافها ستترتب عليه آثارٌ كارثية على الإنسان وعلى البلاد، وناشدنا المتحاربين أن يتعظوا بما حدث عبر التاريخ من كوارث الحروب؛ بل من البلدان التي وقعت فيها الحروب حديثا، واستشهدنا بكلام الحكماء في هذا المجال مثل كلام زهير بن أبي سلمى:

وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ

وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ

مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً

وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ

فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا

وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ

فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ

كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ

ولكن في الجانب الآخر دعاة الحرب اندفعوا في تشجيعها وإذكاء نارها وتخوين كل من يدعو لإيقافها حتى وصلنا لهذه الحال التي تسر العدو وتُحزن الصديق؛ لقد أفرزت الحرب الآتي:

أولا: قتل عشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين السودانيين وإعاقة وجرح أضعافهم، وتشريد الملايين، وملاحقة الفارين من جحيم الحرب، فأصبح معظم أهل السودان ما بين نازح ولاجئ ومتوقع الهجوم عليه في أي لحظة، مع انتهاكات فظيعة يشيب لها رأس الوليد، ومنع وصول الإغاثة والمساعدات الإنسانية للناجين منهم؛ وهنالك مناطق استبيحت تماما كما حدث في الجنينة وولاية الجزيرة وبعض مناطق النيل الأبيض.

ثانيا: معظم الذين كانت مناطقهم ساحة للقتال فقدوا ممتلكاتهم ومقتنياتهم ووسائل كسب عيشهم وتعطيل مصالحهم التي يعتمدون عليها في معاشهم.

ثالثا: تدمير الكثير من مرافق الدولة، والمصانع، وشركات القطاع الخاص والعام، ونهبها، وحرقها، وتدمير البنية التحتية من الطرق والكباري وكثير من المرافق العامة الخدمية والصحية والتعليمية.

رابعا: إنقسام حاد في المجتمع ما بين مؤيد للجيش ومؤيد للدعم السريع، وإنتشار خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة القطيعة بين أفراد الأسرة الواحدة، وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ السودان، مع تفشي ظاهرة الإشاعات والتخوين والقتل على الهوية.

خامسا: إنكشاف حال بلادنا وشعبنا بصورة جعلتنا مكان سخرية من بعض شعوب ودول العالم ومكان شفقة من آخرين، حيث أظهرت الحرب هشاشة دولتنا وضعف مؤسساتنا، وزالت الصورة الزاهية التي كانت تتصورها شعوب العالم عن شعب السودان.

سادسا: إختفاء مؤسسات الدولة تماما وتخليها عن أداء مهامها الخدمية، وغياب تام لتأمين المدنيين، فصار المواطن هو المسئول عن حماية نفسه إن ملك أدوات الحماية، وإلا أمامه الفرار من وطنه؛ بل صار بين فكَّيْ الرحى -إن كان مقيما في مكان سيطرة الجيش فهو عُرضة للهجوم من الدعم السريع، وإذا وقع في أيديهم فهو مُتهم بالتجسس لصالح الجيش! وإن كان مقيما في مكان سيطرة الدعم السريع فهو عُرضة للقصف بطيران الجيش وإلقاء البراميل الحارقة، وإذا وقع في أيدي الاستخبارات فهو متهم بالانحياز للدعم السريع، وهنالك عدد من الأحباب والنشطاء تم اعتقالهم بالشبهة من قبل الاستخبارات العسكرية ومن الدعم السريع، نطالب بإطلاق سراحهم، لقد عدنا إلى عصر ما قبل الدولة؛ حيث يتحكم القوي وحامل السلاح على مصير الشعب.

سابعا: تعطيل الدراسة لمدة عام كامل في كل المراحل التعليمية، مما يؤثر على مستقبل أبناء السودان خاصة الذين هم في المرحلة الابتدائية والمراحل النهائية مما ينذر باتساع قاعدة الفاقد التربوي والمشردين.

ثامنا: تدمير ممنهج للوثائق والمستندات، ونهب الآثار والمتاحف، وتدمير المكتبات والمؤسسات الثقافية، والتحف النادرة، وتخريب وحرق للدور التي تختزن ذاكرة الأمة السودانية.

تاسعا: أسوأ ما أفرزته الحرب هو ظهور نزعة التوحش، وتبلد المشاعر؛ حيث ظهرت ممارسات الدواعش في التمثيل بالجثث، وحزِّ الرؤوس، وسلخ جلود الموتى، كأنهم بهائم؛ والأسوأ من ذلك ظهور مُفتين يستغلون الدين لشرعنة هذه الممارسات البشعة، بتحريف واضح للنصوص عن معانيها بصورة تشمئز منها الفطرة السليمة وذلك لمخالفتها لسماحة دين الإسلام الذي جاء بالرحمة ومكارم الأخلاق، وتحريم السخرية من الإنسان، ناهيك عن التمثيل به؛ إنهم علماء السوء الذين أضلهم الله على علم. قال تعالى: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”.

عاشرا: اللامبالاة في التعامل مع المال المنهوب؛ سواء بالاستيلاء عليه بوضع اليد، أو بالبيع أو الشراء أو الهبة، كأنه غنيمة مباحة، دون مراعاة لحرمة حق الغير في مخالفة واضحة لقوله تعالى: “وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ”.

أحبابي بالله وأخواني في الوطن العزيز

هذه الموبقات وحدها تجرد الحرب القائمة من أي شرعية وطنية أو دينية أو أخلاقية، على قاعدة “كل تصرف أدى إلى خلاف مقصوده فهو باطل” ولقوله تعالى:” وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ  وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ”. عليه نكرر نداءنا لقيادة القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع بإيقاف هذه الحرب فورا، فقد ظهرت فظائعها بصورة واضحة لكل ذي بصيرة، وتأكد أنها حرب لا منتصر فيها. والخاسر فيها هو الوطن والإنسان السوداني، والقائد الشجاع هو الذي يعمل على حماية شعبه ووطنه؛ هذه الحرب حرب فناء، الواجب على كل أهل السودان بمكوناتهم الاجتماعية والدينية والثقافية أن يحافظوا على وحدة الوطن وعلى قيم التعايش السلمي والسماحة ويقفوا سدا منيعا أمام تحول هذه الحرب إلى حرب أهلية، مع الضغط على كل الأطراف للاستجابة للسلام. قال تعالى: “لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً”.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

إن هذه الحرب إذا لم توقف سوف تفتح الباب لدخول الدواعش إلى السودان وستجعل من السودان ساحة لحرب إقليمية وربما دولية، فنذر التدخل في البحر الأحمر بادية بسبب أهمية البحر الأحمر للملاحة الدولية، والتقاطعات الإقليمية والدولية مع تهديد المصالح كلها تنذر بحرب لا تبقي ولا تذر.

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

مأساتنا الوطنية لا تنسينا مأساة إخوتنا في فلسطين، فقد استباح المحتل الإسرائيلي فلسطين أرضا وشعبا وتحولت حربه ضد أهل غزة إلى حرب إبادة شاملة، حيث تجاوز عدد القتلى إثنين وثلاثين ألفا، والجرحى تجاوز عددهم خمسة وسبعين ألفا؛ بل امتدت حربه إلى لبنان وسوريا، وتجردت حرب المحتل ضد أهل فلسطين من كل القيم الإنسانية من فرط بشاعتها ووحشيتها، نطالب المجتمع الدولي ألا يقف مكتوب الأيدي وهو يرى يباد، عليه أن يضغط على الكيان الصهيوني ليوقف هذه الحرب اللعينة، وندعو الله أن يلطف بأهلنا في فلسطين ولبنان وسوريا ويحقن دماءهم.

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

واجب علينا أن نشكر دول الجوار التي وقفت مع شعبنا في مأساته واستقبلت الفارين من جحيم الحرب، ونشكر الدول الشقيقة والصديقة للسودان، كما نشكر أهل الدار في الولايات الذين استقبلوا أهلهم الفارين من جحيم الحرب وقاسموهم المأوى والمعاش، ولا ننسى أبناء السودان في المهجر والمغتربين في كل دول العالم، فقد كانوا نعم السند لأهلهم، فجزاهم الله خيرا.

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

في هذا اليوم نحيي أئمتنا والسلف الصالح الذين وقفوا معهم من أجل نصرة الدين وتحرير الوطن والمحافظة على وحدته وأمنه وكرامة أهله وفي القمة الإمام المهدي عليه السلام وخليفة المهدي والخلفاء والأمراء، والإمام عبد الرحمن أبو الاستقلال والإمام الصديق والإمام الشهيد الهادي المهدي، والإمام الصادق الذي عمل بجد واجتهاد ووطنية لتجنيب البلاد الحروب والتمزق، ولا شك أنهم في عليائهم في دهشة مما وصل له حال السودان وهو يمتلك إرثا عظيما من ثقافة التعايش السلمي ومعالجة الاختلافات بالحكمة؟

إننا نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن يتقبل الأبرياء الذين قضوا نحبهم شهداء، وأن يشفي الجرحى، وأن يلطف بالمستضعفين، وعلينا جميعا أن ندعو الله بالطواسين والحواميم والقافات والسبع المنجيات وخواتيم البقرة وآل عمران، وبأسمائه الحسنى أن يعجل بالسلام في السودان.

اللهم أحقن دماء أهلنا والطف ببلادنا وأطفئ الفتنة التي حلت بها وهيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم من أراد ببلادنا وأمتنا خيرا فأجر الخير على يديه، ومن أراد ببلادنا وأمتنا شرا فاجعل الدائرة عليه، اللهم إنا نسألك في هذا اليوم المبارك أن تستجيب دعاءنا ولا تخيب رجاءنا، وارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا، واهدنا واهد أبناءنا وبناتنا، واجعلنا من الذين تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى