الأحداث

حفيد أمير البرين والبحرين إلى جنات الخلد

حفيد أمير البرين والبحرين إلى جنات الخلد

كتب الأمير د. عبد المحمود أبو

((حفيد أمير البرين والبحرين إلى جنات الخلد))

بتاريخ 12محرم 1445ه الموافق 30يوليو 2023م في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي فاضت روح الحبيب المحبوب الأمير أبو قرجة كنتباي أبوقرجة وسيوارى الثرى بمقابر بلبيس في منطقة العبور بطريق الإسكندرية عصر الإثنين ليلحق بركب الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلى أن قضوا نحبهم وما بدلوا تبديلا.

الأمير أبو قرجة حفيد الحاج محمد عثمان أبوقرجة أمير البرين والبحرين القائد العظيم الذي أوكل إليه قيادة الجيش الذي فتح الخرطوم في 1885،وهو سبط الشيخ بابكر بدري ابن بنته السارة، وهو ابن القوات المسلحة تدرج في سلكها حتى وصل رتبة اللواء، وهو رئيس حزب الأمة القومي المنتخب في ولاية الخرطوم، وهو عضو مجلس الشورى المنتخب في هيئة شؤون الأنصار، وهو عضو مجلس أمناء جامعة الأحفاد للبنات، وله بصماته في كثير من المواقع والمواقف التي تؤكد أنه كان أمة، إنني في يوم وداعه أسجل على شاهد قبره الآتي:

● أولا: تعرفت عليه في بداية تسعينيات القرن الماضي حيث كنت إماما لمسجد الختمية بالديوم الشرقية بالخرطوم وكان الحبيب محمد موسى إماما لمسجد الحاج عبدالسلام الخبير بالقسم الشرقي بأركويت فأخبرني أن حفيد الأمير أبوقرجة يصلي معه في المسجد وهو أنصاري فجئت إليه وتعرفت عليه وزرته في البيت ومنذ ذلك التاريخ توطدت علاقتي به وازدادت المحبة بيننا وتاكيدا لهذه المحبة وفقني الله أن اتصل به قبل رحيله بيومين مطمئنا على صحته ووعدته بالزيارة، فيشاء الله أن تكون الزيارة له بعد أن فارقت روحه الجسد ولكن الرباط الروحي تأكد بأن أكون أول شخص يبلغني ابنه محمد بوفاته، وحضرت إلى مكان إقامته وقرأت راتب الإمام المهدي على جسده الطاهر مع آيات من القرآن الكريم بحضور أسرته وعدد من الأحباب والاصدقاء منهم الدكتورة مريم المنصورة والحبيب بشرى الإمام الصادق واللواء مصطفى عبادي .

● ثانيا:كان وفيا لتاريخ أسلافه محافظا على القيم والمبادئ التي جاهدوا من أجلها، وسخر وقته وبيته وماله لخدمة الكيان الوارث للدعوة التي جدد شبابها الإمام المهدي عليه السلام، فكان بيته مأوى لاجتماعات الأحباب في وقت كان الكيان ملاحقا من الأجهزة الأمنية لنظام الإنقاذ وكان مكتبه في مبنى البحرية شرق شارع المك نمر ملجأ للأحباب، وكان على صلة بأهله الحباب بشرق السودان وفاء لعلاقتهم بجده الحاج محمد عثمان أبوقرجة الذي سمى ابنه كنتباي والد الراحل أبي قرجه على صديقه كنتباي حامد بك ود حسن زعيم الحباب في شرق السودان.

● ثالثا: كان بارا بأهله في قريته أم غنيم وقدم لهم خدمات جليلة شملت المشروع والكهرباء والمياه والتعليم وبناء مسجد اصحبني معه لافتتاحه، وكان واصلا لأرحامه حاثا لهم على المحافظة والسير على درب سلفهم، وصحبته كثيرا لزيارة شقيقته الراحلة حفصة وشقيقه د. عبدالرحمن وعرفني بالبروف علي أبوقرجة والمرحوم عوض الحاج وصديقه مصطفى عبادي والبروف كرار عبادي وكثيرين من رموز المجتمع وأعيان أم درمان، وأهداني كتاب مكي أبو قرجة((صولة بني عثمان في ملاحم الثورة المهدية)) الذي يوثق لدور العائلة في الثورة المهدية.

● رابعا:كان من الداعمين لهيئة شؤون الأنصار، وكان حريصا على أن تأخذ الهيئة مكانها الذي يليق بها في المجتمع؛ لأن دورها الدعوي والاجتماعي والثقافي هو الذي يوفق بين الأصالة والمعاصرة، ويحافظ على التماسك الاجتماعي ويقوي الجانب الروحي، وخطابها الوسطي يشكل ترياقا مضادا للغلو والتطرف، كان لا يبخل بماله ووقته وفكره على الهيئة ما من نشاط من أنشطتها إلا وتجده أول المساهمين فيه؛ بل ويحث أصدقاءه على الوقوف معها ودعمها.

● خامسا:كان من المحبين للإمام الراحل الصادق المهدي حبا يظهر في قسمات وجهه عندما تأتي سيرته، ذكر لي الحبيب المحبوب آدم أحمد يوسف أن أبقرجة قال له:((شفت الجماعة المتحمسين خلف الإمام عندما يأتي إلى المسجد؟ قال قلت له نعم وظننت أن ينتقدهم ففوجئت عندما قال لي :((أنا واحد منهم))!!! ولاشك أن رحيل الإمام كان له أثر كبير في تدهور صحته للعلاقة الروحية والمحبة التي تربط بينهما، ومن الحب ما قتل.

● سادسا:مع كل هذا الإرث والعطاء والمكانة الاجتماعية كان أبوقرجة متواضعا في غير ذل مترفعا في غير كبر، كانت علاقته مع جميع شرائح المجتمع يعاملهم معاملة إنسانية راقية، والبسمة لا تفارق وجهه، ومازرته يوما في بيته أو مكتبه إلا ويحرص على تقديمي والخروج معي إلى خارج البيت أو المكتب، فعلا كان من الموطئين أكنافا الذين يألفون ويؤلفون.

● سابعا:كان محل إحترام وتقدير من أسرته الصغيرة والكبيرة لما يجدونه منه من اهتمام وحب، أعزي زوجته شادية وبناته:إيمان وسارة وسماح، وابنه محمد وابن أخيه أسامة حسن، وابن أخته خالد حسن إدريس، وابنه صديقي العزيز كنتباي خالد حسن إدريس، والبروف قاسم بدري،وصديقي الدكتور الصادق عبدالله الطيب، وصديقي كنتباي الخليفة البشير، وكل آل أبقرجة وآل بدري وآل محمود، وآل محمد ودمضوي، وأهلنا الحباب وأهلنا في أم درمان وأم غنيم وكوستي وكل ربوع السودان، وفي أنحاء العالم.
اللهم أرحم عبدك أبقرجة وأكرم نزله ووسع مدخله، وتجاوز عنه فإنه مفتقر إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، اللهم أكرمه بصحبة عبادك الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأكرمه بشربة من يد المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يظمأ بعدها أبدا.

استودعناك يا أباقرجة للذي لا تضيع ودائعه

(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى