الخطب
أخر الأخبار

هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد خطبة عيد الأضحى الموحدة 10ذوالحجة 1444ه

خطبة عيد الأضحى الموحدة 10ذوالحجة 1444ه

10ذوالحجة 1444ه

أعوذ بالله من الشيطن الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد

خطبة عيد الأضحى الموحدة

10ذوالحجة 1444ه

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الحمد لله الذي خلق الإنسان من علق وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أتم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا، والصلاة والسلام على نبي الرحمة القائل :(منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ)صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

جعل الله العيد موسم فرحة وسرور للمسلمين، ويشاء الله أن يأتي العيد بعد الفراغ من عبادة عظيمة يؤديها المسلمون امتثال لأمر الله، فعيد الفطر يعقب صيام شهر رمضان، وعيد الأضحى يأتي بعد الفراغ من الركن الأعظم من أركان الحج وهو الوقوف بعرفة.

إننا في هذا اليوم نحتفل بعدة مناسبات هي: إحياء ذكرى أبي الأنبياء إبراهيم، وابنه إسماعيل، وأمنا هاجر؛ تلك القصة التي جعل الله أحداثها مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام، قال تعالى:(( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ  وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ  لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ  ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)).

والمناسبة الثانية الفداء، حيث أمر الله سيدنا إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل بعد اكتمال بناء البيت، فاستجاب إبراهيم لأمر الله، وخضع إسماعيل للأمر دون تردد

قال تعالى :(( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ  فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ  فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ  وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ  قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ  وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)) فجعل الله هذا الحدث شعيرة للمسلمين؛ إحياءً لذكرى الذبيحة، وفداء للنفس الإنسانية بذبح بهيمة الأنعام، والمقصد من هذه الشعيرة هو الامتثال لأمر الله، قال تعالى:(( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ  لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)).

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

إن إكمال مناسك الحج، وإحياء الذكرى الإبراهيمية، والفداء؛ كلها شعائر نحتفل بها في عيد الأضحى المبارك شكرا لله على نعمة الإسلام، وعلى نعمة التوفيق للعبادة، وعلى كل النعم التي أكرمنا الله بها، قال تعالى:( وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)).

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

الأضحية شعيرة تلزم كل من استطاع إليها، وتسقط عن غير المستطيع ككل أحكام الإسلام، ويشترط أن تكون خاليةً من العيوب؛ مثل العرج، والكسر، والضعف الظاهر، وكل العيوب المبينة في كتب الفقه، ولا تذبح إلا بعد الصلاة، ويجوز أن يأكل المضحي ثلثها، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها. ويتساءل كثير من الناس هل يجوز التصدق بثمنها على الفارين من الحرب في بلادنا؟ والجواب أن الأضحية شعيرة لا يجوز أن تُسْتَبْدَل، ولكن يجوز أن تذبح ويوزع لحمها للمحتاجين، كما أنه في ظل هذه الظروف يجب علينا التكافل، وتقاسم الأرزاق بيننا، فكل من لديه رزق يفيض عن حاجته يجب عليه أن ينفقه لإنقاذ نفس معرضة للهلاك،عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من كان معه فضل ظهر فليَعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل)) رواه مسلم.

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

هذا اليوم يوم تصافي وتعافي وتراحم؛ فتصافوا وتعافوا وتراحموا وتجاوزوا وسامحوا وتحلوا بمكارم الأخلاق التي بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لإتمامها، ولنترجم مكارم الأخلاق إخلاصاً في السر والعلانية، وعدلاً في الغضب والرضا، واقتصاداً في الفقر والغنى، وأن نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، وأن يكون نطقنا ذكراً، وأن يكون صمتنا فكراً، وأن يكون نظرنا عبرة.

الحديث:

عن معاذ رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : ((لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت. ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ : يعلمون [ السجدة : 16 – 17 ] ، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه ، قال: كف عليك هذا قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح.

يغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الحمد لله الوالي الكريم، والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم.

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

ثلاثة أشهرِ إلا قليلاً مضت منذ أن اندلعت الحرب في بلادنا، وفي هذه المدة شهدنا فظائع يندى لها الجبين:إزهاق للأنفس وانتهاك للحرمات، وتشريد للأسر، ونهب للأموال، وحريق وقصف، شمل السكن والمساجد والكنائس، والمؤسسات الخاصة والعامة، وانقسم المجتمع في اصطفاف يهدد الوحدة الوطنية، وبرزت خطاباتُ الكراهية والعنصرية والتخوين! وكل العبارات التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال:((دعوها فإنها منتنة))

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

في ظل هذا المناخ الذي اختلط فيه الحق بالباطل، وانتشرت فيه الفتنة؛ فإن التعامل الشرعي للمسلم يقوم على الآتي:

أولا: رفض الحرب والدعوة لإيقافها؛ لأنه في ظل الحرب ترتكب كل الموبقات :(القتل، وانتهاك الحرمات، والنهب والسلب، وانتشار الفساد، وتعطيل المصالح، وتوسع الجرائم، وكل مظاهر المخالفات الشرعية) قال تعالى:(( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ  وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ  وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ))

ثانيا: السعي بالصلح بين المتقاتلين، قال تعالى :((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) وقال تعالى :(( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا))

ثالثا:إيواء الفارين من الحرب، ومساعدة المحتاجين، وتضميد الجرحى، ودفن الموتى، وتقديم كل عون يستطيعه الإنسان؛ فعمل الخير يقوم على الاستطاعة ولو بالكلمة الطيبة؛ قال تعالى :(( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) وبهذه المناسبة نشيد بموقف أهلنا في ولايات السودان المختلفة الذين آووا الفارين من الحرب، وقدموا لهم كل مساعدة ممكنة، وتقاسموا معهم الغذاء والمأوى. تقبل الله منهم وخلف لهم بأبرك مما أنفقوا.

رابعا: حماية الممتلكات العامة والخاصة، ومنع الاعتداء عليها، وتقديم النصح لضعاف النفوس من التعدي على ممتلكات الغير، ويكون النصح بقدر الاستطاعة، قال صلى الله عليه وسلم :((مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمان)) وقال تعالى :(( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ و َيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))

خامسا: عدم التعامل مع الممتلكات المنهوبة، لا بالبيع ولا بالشراء، وعدم قبولها لمن أُهْدِيَتْ له، ولا يستلمها الشخص إلا إذا قدر أن يحفظها لأصحابها، وَلْيُشْهِدْ عليها جيرانه لِيَسْلَمَ من تهمة استلام المال المنهوب، وننصح كل من اعتدى على ملك غيره أن يتوب إلى الله ويعيد المال المنهوب لأصحابه، وليتذكر يوم الموقف أمام الذي لا تخفى عليه خافية. قال تعالى:(( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا  اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)). وقال تعالى:(( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)). وقال تعالى :(( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)).

سادسا: التعاون على البر والتقوى، ودعوة الناس للإكثار من عمل الخير، وتكوين مجموعات صغيرة في الأحياء والقرى والمدن لاستقطاب الدعم من كل أهل الخير مما هو متاح وتقديمه للمحتاجين تحقيقا للتكافل والتضامن بين الناس، قال صلى الله عليه وسلم :(من فرَّج عن أخيه المؤمن كُربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله عزَّ وجلّ في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)).

سابعا:الإكثار من الدعاء، فعندما تحل المصائب، وتنتشر الفتن، فإن المسلم مطالب باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى الذي بيده كل شيء، وهو القادر على تغيير الحال، وقد أمرنا سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع إليه قال تعالى :(( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) وقال صلى الله عليه وسلم :((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ))، وفي الحديث القدسي :(( يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ… يَا عِبَادِي ! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )).

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

إن فظائع الحرب حولت عاصمة البلاد إلى خراب ودمار وانتقلت فظائعها إلى قرى ومدن كثيرة، في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى، وما جرى من فظائع في قرية أبوحميرة في شمال كردفان وفي كتم وفي الجنينة من قتل وسحل ودمار لا يوصف؛ وفي الجنينة تكاد معظم الأسر فرت إلى دولة تشاد التي آوتهم فلها الشكر، والشكر موصول لكل الدول التي آوت السودانيين وقدمت لهم المساعدة.

إن الحرب الدائرة في السودان وجدت اهتماما من الأشقاء والجيران والمجتمع الدولي؛ ونادى الجميع بإيقافها. وفي يومي 19و20 يونيو الجاري انعقد ملتقى علماء الساحل والسودان في العاصمة الموريتانية نواكشوط بنتظيم من المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم، وكانت هيئة شؤون الأنصار حاضرة فيه وناقش الملتقى الأوضاع في دول الساحل الأفريقي، واعطى المساحة الأكبر لما يجري في السودان، وصدر عن الملتقى بيانٌ ختاميٌّ وتوصياتٌ دعت لتعزيز السلم ووجه المؤتمرون نداء لأطراف الحرب كالآتي:

نداء السلام

إن المشاركين في اللقاء التشاوري لعلماء ومثقفي الساحل والسودان يوجهون نداء حارا إلى الأطراف المتنازعة في السودان كما يلي:-

أيها الزعماء الكرام، لقد تَنَسّمْتُم مهاما جساما، ومراتب عظاما، ومع سمو المناصب يكون عِظَمُ المسؤولية وجدارة التحلي بكريم الخصال والأخلاق

وإن إخوانكم من العلماء ورجال الدين في الساحل والسودان يهيبون بكم ويناشدونكم بالله والأرحام والوطن، فالله الله في دماء السودانيين وأموالهم وأعراضهم، (( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ))، وندعوكم إلى إيقاف القتل والقتال وتغليب المصلحة العامة صونا للدماء المعصومة والأعراض المصونة، كما نطالبكم باعتماد الحوار وسيلة وحيدة لحل النزاعات والصراعات، بالاستناد إلى قوة المنطق لا إلى منطق القوة، وتبني مبادرات سلمية يقودها أبناء البلد المخلصين من أجل إنهاء القتال، سائلين الله العلي الكريم أن يكشف الغم ويفرج الهم وينشر السلم في السودان والعالم أجمع. إنه ولي ذلك والقادر عليه

أحبابي في الله وإخواني في هذا الوطن العزيز

إننا نناشد قيادة القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع بإيقاف الحرب على الأقل في أيام العيد ليتمكن المواطنون من أداء صلاة العيد وليزوروا أرحامهم ويتحصلوا على ضروراتهم، فلعل في تجمعهم ودعائهم تتنزل الرحمة ويوفقكم الله لوقف الحرب نهائيا والجنوح للسلام

كذلك نوجه نداء للقوى المدنية والأحزاب السياسية وقادة المجتمع الديني والأهلي والمثقفين أن يرتفع صوتهم بالمطالبة بإيقاف الحرب وتصميم مشروع وطني يتجاوز كل أخطاء الماضي ويرمم كل الثغرات التي عطلت نهضة بلادنا، ليلتف الجميع دون إقصاء حول بناء جديد لسوداننا الحبيب

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

علينا أخذ العبرة من الحرب الروسية التي تجاوزت العام ولم تخلف سوى الدمار، وأيضا ما حدث من الدولة الروسية باتفاقها مع منظمة فاغنر بعدم الزحف على العاصمة الروسية حفاظا على دماء وأرواح الشعب الروسي، إن ما حدث فيه رسالة لدعاة الحرب أن يتعظوا

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين يتوسع يوما بعد يوم، والاحتلال يستمر في عدوانه وانتهاكاته ولكن الشعب الفلسطيني ظل صامدا لم ينكسر وسينتصر في النهاية بإذن الله فما ضاع حق وراءه مطالب

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز:

نرفع أكفنا لله سبحانه وتعالى ونسأله سؤال الملحين قائلين: اللهم ألطف ببلادنا وأمتنا، واخمد نار الفتنة، واحقن دماء أهلنا، وهيئ لنا مخرجا سلميا آمنا، اللهم أرحم الذين فقدناهم وتقبلهم شهداء عندك، اللهم اشف الجرحى، والطف بالفارين من جحيم الحرب، اللهم من أراد ببلادنا خيرا فاجر الخير على يديه، ومن أراد بها شرا فاجعل كيده في نحره وتفكيره في تدميره، اللهم عجل بالفرج، وهيئ لنا حسن المخرج، آمين آمين آمين

نبارك لكم العيد ونسأله تعالى أن يجعلنا من عباده الصالحين الذين تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

وكل عام وأنتم بخير

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى