مقالات الدكتور عبدالمحمود أبو أبراهيم
أخر الأخبار

قراءات وخواطر في الفكر الإسلامي

قراءات وخواطر في الفكر الإسلامي

د. عبد المحمود أبّو

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الثالثة

قراءات وخواطر في الفكر الإسلامي

هذه الخواطر يبدو أنها وجدت قبولا، فقد نفدت كل النسخ من الطبعتين الأولى والثانية، ولا زال الإقبال عليها نسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأظن أنها من بركات صديقي الراحل الفرضي الإمام النور التلب الذي خصصت الاهداء لروحه أسأل الله أن يكرم نزله ويبارك في ذريته أبنائه وبنتيه، وفي زوجه التي حافظت على الوصال بيننا وأكرمتنا بزيارة أسرتي في بيتنا، أسأل الله أن يحفظها ويكرمها ببر أبنائها.

الكتاب يركز على منهج الوسطية، ويراهن على أن فلاح الأمة وصلاحها وشهودها يكون بالالتزام بالوسطية منهجا وسلوكا، فهو المنهج المستقيم الذي جاء به الإسلام وطبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وفي ظل هذا المناخ الذي طغت فيه الماديات وتراجعت فيه القيم فإن الوسطية هي البلسم الذي يعالج أدواء البشرية ويحقق لها التوازن ويعيدها إلى قيم الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

اللهم إني أسألك نفسا بك مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

رمضان 1444هـ

مارس 2023م

مقدمة الطبعة الثانية

هذا الكُتَيّب تجميع لخواطر وقراءات وأفكار جاءت دون ترتيب؛ وقد وردت في خطب جمعة، وفي مداخلات في منتديات، وبعض الأفكار كانت خواطر مرت بالذهن وأنا أطالع بعض الكتب؛ وقد صدرت الطبعة الأولى قبل سنوات بعنوان “قراءات وخواطر فكرية” نفدت كلها؛ وكنت وددت أن أراجع الأفكار لأُرتبها وأضيف إليها وأحذف، ولكني لم أجد الوقت، وقد ألَحَّ عليَّ صديقي الحبيب: عبدالرحمن مخاوي بضرورة طباعة الكتاب على حاله وذلك لكثرة الطلب عليه حسب رأيه؛  فاستجبت لرغبته ؛ وأذنت له بالقيام بطباعته في نسخته الثانية، على أمل أن أجد الوقت لمراجعته وتنقيحه في الطبعة الثالثة إذا شاء الله. وقد يلاحظ الذين اطلعوا على النسخة الأولى أن هذه الطبعة قد اشتملت على بعض التعديلات والاضافات متعلقة بالعناوين والتقديم والتأخير، وغير ذلك ؛مع الإبقاء على نفس العنوان؛ واستعرض الكتاب مناهج الفكر الإسلامي السائدة في الساحة مع التركيز على منهج الوسطية الذي يراه الكاتب هو المخرج من محنة الأمة الحالية. آمل أن يجد القارئ فيه مايفيد.

عبدالمحمود أبُّو

غرة محرم 1439هـ

أم درمان

إهداء

أهدي هذا الكتاب لروح صديقي الراحل الفرضي الإمام النور التلب؛ ذلك الرجل الذي جمعتني به صداقة ومحبة في الله، وتواصل وجداني بالرغم من أننا لم نلتق وجها لوجه حتى غادر هذه الفانية!! أسأل الله أن يجمعنا في مستقر رحمته بصحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم والناجي منا يأخذ بيد أخيه يوم القيامة؛ ومن خلف فما مات، فقد أكرمه الله بذرية صالحة نحسبها كذلك إن شاء الله. بارك الله في أبنائه (محمد الصادق والتجاني والإمام وعبدالله. وبنتيه سارا وحفية. وزوجه أم الحسن عبدالله قرشي) قال تعالى:”والذين ءامنوا واتبعتهم ذرياتهم بإحسان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء..”

مدخل:

      كثير من المسلمين وغير المسلمين؛ يستغربون من تناقضات خطابات العاملين في مجال الدعوة الإسلامية، والمتحمسين لها من العلماء والمفكرين وخطباء المساجد وغيرهم من النشطـاء في هذا المجـال، وهذا الاستغراب مرجعه التناقض بين المفاهيم والمواقف التي تصدر عن هؤلاء المعنيين مع أنها مدعومة بالنصوص والأدلة؛  بل أكثر من ذلك نجد أن هذا التناقض أدى إلى إضعاف الالتزام بالإسلام عند كثير من المسلمين؛ في  العقيدة،  والأحكام، وثبات المواقف؛ مما نتج عنه زعزة واضطراباً في الحالة الإسلامية بصفة عامة. فصار الدعاة عاجزين عن الإقناع؛ لأنهم عندما يطرحون أي مبدأ أو فكرة؛ يواجهون بالنقيض الذي يطرحه داعية آخر ! ومن الناحية الأخرى؛ فإن كثيراً من غير المسلمين قلَّلُوا من احترامهم للمسلمين؛ بسبب هذا السلوك الذى يرونه عند المسلمين فاقتنعوا أنهم على حق! لأنهم ينظرون إلى المسلمين من خلال الممارسة والواقع؛ فيقولون لو كان دين هؤلاء صحيحا لما كانوا على هذه الحال ! والذين أنصفوا المسلمين فإن إنصافهم يأتي من اطلاعهم على الإسلام من مصادره الأصيلة، ومن تاريخه الناصع؛ فأقنعتهم الحقائق والوقائع بحقيقة هذا الدين؛ وقليل ماهم. إنّ التناقض في الخطاب الإسلامي بين العاملين في مجال الدعوة يرجع لعدة عوامل أهمها :

العامل الأول :  غياب قيادة دينية مجمع عليها لتكون لها الكلمة الأخيرة في حسم الخلاف، فلقد غابت هذه المرجعية بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يقول قائل إنّ المرجعية موجودة تتمثل في الكتاب والسنة، هذا صحيح من حيث مصدرية الأحكام، ولكننا مع ذلك نرى الخلاف قائما بالرغم من وجودهما؛ لأن منهج التعامل معهما يختلف من عصر إلى عصر، ومن شخص إلى آخر، فغياب المرجعية البشرية المجمع عليهـا عامل من عوامل التناقض المعـاش[1] .

العامل الثاني :  المنهج التعليمى المتبع في معظم المؤسسات الدينية غيَّب حقيقة الدين الإسلامي عن كثير من المسلمين، حيث أهمل روح الإسلام بتركيزه على الفروع والشكليات : لقد اعتمد المنهج على التحفيظ والرواية، مهملا الأسلوب النبوى القائم على التربية وغرس المبادئ والمفاهيم بصورة تمكِّن المتلقي من التفاعل معها وتطبيقها، كما افتقر إلى وسائل غرس نهج التفكير، والمقارنة في أذهان المسلمين، ولذلك فإن الدين الخاتم لم يتم استيعابه كرسالة عالمية خالدة تخاطب كل بني البشر باختلاف ثقافاتهم وعاداتهم وعصورهم؛ بل انتهج كثير من الدعاة أسلوبا يقدم الإسلام كأنه ديانة قومية محلية متقوقعة في بادية العرب في عصرالجاهلية .

العامل الثالث :  تحَكُّم النظم السياسية المستبدة على الساحة التاريخية الإسلامية الغالبة شلّ حركة الفكرالإسلامي، وغيّب تلاقح الأفكار والآراء؛ الذي يمثل أهم عوامل الإبداع والتطور لما يتيحه من تعدد الخيارات التي تمكن المتلقي من الاختيار بين البدائل، فالنظم المستبدة لا تعرف إلا رأياً واحداً هو رأي الحاكم بأمره ! ومن خالفه فمصيره واحد من اثنين : إما السجن وإما القبر !.

العامل الرابع :  اختلاف البيئات والأزمنة والأمكنة له أثر كبير على الفكر، وبالتالي فإن الفهم للدين يختلف من شخص لآخر؛ لأنه ليس بالضرورة أن تكون وسائل الاستنباط وترتيب الأولويات محل اتفاق من الجميع في ظل وجود المؤثرات والخلفيات المتعارضة .

العامل الخامس :  تعامل الآخرمع الإسلام والمسلمين خلق ردَّ فعل غاضب لدى المسلمين، فاختلفت أساليبهم في التعامل مع هذا الآخر؛ فمنهم من يرفض مبدأ التعامل مع الآخر إسقاطا للتاريخ على الواقع؛ ومنهم من يقر مبدأ التواصل استنادا على النصوص الشرعية وعلى التجربة التاريخية، فمنذ أن جاء الإسلام وجد صدوداً وكيداً من المشركين واليهود وبعض النصارى؛ واستمر هذا النهج حتى عصرنا الحاضر؛ مما جعل كثيراً من المسلمين يرفضون أي تسامح مع الآخر، ويدعون لإخضاعه بالقوة بل يسعون لاستئصاله بينما يتبع آخرون منهجاً يتمسك بالأصل وهو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويرى أن كل تصرف يعامل بما يناسبه فإذا انتفت الأسباب رجعنا للأصل .

      هذه العوامل وغيرها أدت إلى بروز مدارس كثيرة داخل الملة الإسلامية يمكن ارجاعها إلى ثلاث مدارس؛ تتفرع عنها فرق، وطوائف، ومذاهب؛ تغطي الساحة الإسلامية بامتداداتها الأفقية والرأسية, تلك المدارس هي : مدرسة الانكفاء على الذات ؛ ومدرسة الانبهار بالوافد؛ ومدرسة الوسطية .

 فالمدرسة الأولى لديها أفكارمعلبة تسعى لإسقاطها على الواقع دون التفات إلى العلل والمتغيرات الزمانية والمكانية والظروف البيئية، أما المدرسة الثانية فهي نقيض المدرسة الأولى؛ تنتمي إلى الإسلام اسماً ولكنها في الواقع مستلبة أمام الآخر ومنبهرة به؛ فتسعى إلى تقليده في كل شئ، وتدعو إلى التحرر من كل ما هو ماض في تاريخنا، بل ترى أنه لامخرج لنا من حالة التراجع الحالية إلابالقطيعة التاريخية والمعرفية عن تراثنا واتباع المنهج الغربي بحذافيره! والمدرسة الثالثة؛ تتبع اسلوباً وسطاً يدعو للالتزام بالثوابت والاجتهاد لمواجهة المستجدات ومراعاة العلل في الأحكام المتعلقة بالمعاملات، ولا تتحرج من الإقتباس من الآخرين، ولكن وفق ضوابط ومعايير معينة تمنع الإنكفاء، وتعصم من الذوبان .      إنني في هذا الكتيب أحاول استعراض تلك المدارس وأسبابها ودوافعها؛ مع توضيح أن المنهج الأقدرعلى التعبير عن حقيقة الإسلام؛ هوالمنهج الذي يؤكد الفرضيات الآتية : الفرضية الأولى: أن الإسلام هو كلمة الله الأخيرة للبشرية وأنه مكمل للرسالات التي سبقته ومصدق لها ومهيمن عليها بتضمنه لأصولها . الفرضية الثانية : أن عالمية الإسلام تقتضي تواصله مع الإنسان حيثما وجد؛ وتعامله معه بالصورة التي تلبي حاجاته المتجددة . والفرضية الثالثة : أن خلودالاسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان؛ تتوقف على جهد واجتهاد حملته وقدرتهم على التعاطي مع المستجدات؛ بصورة تحفظ أصوله وتمكن البشرية من تحقيق مطالبها الفطرية المشروعة؛ دون حرج أو عنت.  وقد اشتمل الكتيب على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة


[1] الشيعة عندهم مراجع دينية يلتزمون بتوجيهاتها بخلاف أتباع المذهب السني.

لقراءة بقية الكتاب فى الموقع الرسمى للدكتور عبدالمحمود أبو أبراهيم https://www.mahmodabo.com/

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى