مقالات الدكتور عبدالمحمود أبو أبراهيم
أخر الأخبار

حرمة التعامل مع المال المنهوب

حرمة التعامل مع المال المنهوب

بسم الله الرحمن الرحيم

((حرمة التعامل مع المال المنهوب))

في ظل أجواء الحرب التي تعيشها بلادنا، انتشرت ظاهرة النهب للمنازل والمحلات التجارية والمخازن والشركات والبنوك بصورة أظهرت ما تضمره النفوس الخربة التي أشار لها القرآن الكريم:(( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)).

إن جريمة النهب من أفظع الجرائم التي حذر الإسلام من ارتكابها وغلظ عقوبتها، ونحذر أهلنا من التعامل مع المال المنهوب لخبثه وسوء عاقبته وضرره على من يتعامل به وذلك للآتي:-

أولا: المال المنهوب أخذ لأموال الناس دون وجه حق، وهو مال خبيث حرمه الله ورسوله، قال تعالى :(( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)).

ثانيا: المال الحرام يمحق البركة ويلوث الحلال ويمتد ضرره على من يتعامل به إلى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود:(( إنَّ اللهَ قسَم بينكم أخلاقَكم، كما قسَم بينكم أرزاقَكم، وإنَّ اللهَ يُعطي الدُّنيا مَن يُحِبُّ ومَن لا يُحِبُّ، ولا يُعطي الدِّينَ إلَّا مَن يُحِبُّ، فمَن أعطاه اللهُ الدِّينَ فقد أحَبَّهُ، ولا والذي نفسي بيدِهِ، لا يَسلَمُ أو لا يُسلِمُ عبدٌ حتى يَسلَمَ أو يُسلِمَ قلبُهُ ولسانُهُ، ولا يُؤمِنُ حتى يأمَنَ جارُهُ بوائقَهُ، قالوا: وما بوائقُهُ؟ قال: غَشْمُهُ وظُلْمُهُ. ولا يَكسِبُ عبدٌ مالَ حرامٍ فيَتصدَّقُ منه فيُقبَلَ منه، ولا يُنفِقُ منه فيُبارَكَ له فيه، ولا يترُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كان زادَهُ إلى النارِ، إنَّ اللهَ تعالى لا يمحو السيِّئَ بالسيِّئِ، ولكن يمحو السيِّئَ بالحسَنِ، إنَّ الخبيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيثَ)) .

ثالثا:المال الحرام يمنع من استجابة الدعوة قال صلى الله عليه وسلم (( إنَّ الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المُرسلين؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172]، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له)) ؟!

رابعا:أخذ المال الحرام بأي وسيلة هو فساد في الأرض وتشجيع للمجرمين، وأي تبرير هو من إغواء الشيطان قال تعالى:(( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ  أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ))

خامسا:التعامل بالمال المنهوب خيانة لأمانة التكليف التي خلقنا لأدائها وللمحافظة عليها، وهي أمانة عجزت السموات والأرض والجبال عن حملها وحملها الإنسان،قال تعالى :(( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا))

سادسا: نذكر المسلمين بأن الإنسان عندما يموت لا يحمل معه إلا عمله وسيترك كل ممتلكاته للورثة ويحاسب عليها، فالعاقل من عمل لآخرته ولن يضيع أي حق أخذه من الناس دون وجه حق؛ قال تعالى:(( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ))

سابعا: خلاصة القول؛ ندعو جميع السودانيين ألا يتعاملوا مع أي مال منهوب لا بالبيع ولا بالشراء ولا بالهدية ولا بالصدقة ولا باستلامه أمانة، ومن استطاع منهم أن ينصح من وجد عنده مالا منهوبا أن يعيده لصاحبه أو يسلمه للجهات المختصة المسئولة من حفظ الأمانات حتى تعيده لأصحابه بعد زوال الظروف الحالية.

قال تعالى:(( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))

محبكم في الله : عبدالمحمود أبو

الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار.

25ذوالقعدة 1444ه؟

14يونيو 2023م

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى