عام
أخر الأخبار

(المزايا في طي البلايا)

بسم الله الرحمن الرحيم

هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد

الأمانة العامة

(المزايا في طي البلايا)

قال تعالى:(( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ))

في ظل قعقعة السلاح وأجواء الخوف، برز ضوء من رحم مجتمع السودان المتسامح، تمثل ذلك في فتح البيوت لإيواء الفارين من جحيم الحرب، في كل من ولاية نهر النيل والشمالية والجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق وسنار والقضارف وكسلا والبحر الاحمر، وولايات كردفان ودارفور، في لوحة جسدت الإيثار والتكافل والإنسانيات السودانية الأصيلة التي عرف بها أهل السودان والتي تتجلى بصورة أوضح في مناخ الأزمة

ومن منطلق الصبر على الشدائد والمشاق نقول الآتي:

أولا:-

الابتلاءات جعلها الله معملا للتمحيص، ومختبرا لتمييز الخبيث من الطيب، فبرزت في ظل هذه المحنة أصالة السودانيين الذين ظلوا مقيمين في أرضهم يفلحونها ويرفدون سكان المدن بخيراتها، ويتعاونون فيما بينهم من خلال الثلاثية السودانية (الضرا والنفير والفزع))

ثانيا:-

نُشيد بالخطوة الشجاعة التي طبقها قادة ولايات دارفور، والتي أدت إلى منع الحرب بتوقيع اتفاق بين قادة الجيش والدعم السريع، وبرعاية ولاة الولايات، فحموا ولاياتهم من ويلات الحرب التي ذاقوا ويلاتها من قبل وعرفوا أضرارها، وكذلك نشيد بالميثاق التي تم في ولاية غرب دارفور بين زعماء الإدارة الأهلية برعاية سلطان دار مساليت، والذي يهدف لإيقاف الحرب بين القبائل وعودة حركة الحياة إلى طبيعتها السلمية، هذه المبادرات تؤكد أن السودانيين قادرون على احتواء أزماتهم عندما يتجردون من العصبيات، والمطامع الذاتية، والايديولوجيات، والتدخلات الأجنبية الخبيثة

ثالثا:-

في ظل الحروب يستغل ضعاف النفوس والمتفلتون ودعاة الفتنة الأجواء للاعتداء على ممتلكات الآمنين، وانتهاك حرمات البيوت، ونشر الإشاعات، لتأجيج نار الصراع، ولم تسلم المستشفيات ودور العبادة ومؤسسات الدولة وبيوت القادة من العدوان، والتعامل مع هذه التجاوزات يكون بتفويت غرض المعتدين، وعدم الاستجابة للاستفزاز؛ لأن قضية أمن الوطن وإيقاف سفك الدماء أكبر من الانتصار للذات، قال تعالى:(( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا))

رابعا:-

هنالك فئة من الناس، لا يتورعون من الكذب والتلفيق والتزوير من أجل تمرير أجندتهم الخبيثة، ولم يسلم من أذاهم حتى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته وصحابته الكرام، وكياننا يسير على نهج الدعوة للسلم وإيقاف الحرب بين أبناء الوطن الواحد. هذا النهج يغيظ أعداء السلام فيصدرون بيانات باسم الهيئة زورا وبهتانا، ولكن العقلاء يعرفون منهج الهيئة وأسلوبها فلا تنطلي عليهم البيانات المزورة، قال تعالى:(( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ،  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ،  وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ))

خامسا:-

نجدد دعوتنا  بإيقاف الحرب والجلوس للحوار، وإلى أن يحدث ذلك مطلوب حماية الأحياء السكنية والمستشفيات ومؤسسات الخدمة، ويلات الاقتتال، والالتزام بأخلاق الحرب المتعارف عليها دينيا وأخلاقيا وقانونيا

سادسا:-

نسأل الله أن يلطف بالذين أجبرتهم ظروف الحرب واضطرتهم للهجرة والنزوح من ديارهم، كما نحيي أهلنا الذين آووا الفارين وقدموا الخدمات للمحتاجين، والذين صبروا لمواجهة المحنة، والذين قرروا البقاء في وطنهم والعمل على إيقاف الحرب وعودة السلم والأمان، بإذن الله سيتبدل الحال وسيعود السلام إلى ربوع بلادنا

سابعا:-

علينا أن نكثرمن الدعاء في هذه الأيام، فالله سبحانه وتعالى قادر على تأليف القلوب، فقلوب العباد بيده يقلبها كيف يشاء، وهو القائل:(( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) والقائل:(( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ))، اللهم إنا نسألك أن تطفئ الفتنة وأن تحقن دماء أهلنا، وأن تلهم القادة الرشد بإيقاف هذه الحرب، فأنت ولي ذلك والقادر عليه

12شوال 1444ه

2مايو2023م

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى