الأحداث

الراتب تجربة روحية ذاتية وتضرع

الراتب تجربة روحية ذاتية وتضرع

  بقلم مهند الأمين أحمد

الراتب تجربة روحية ذاتية وتضرع

     إن الله تعالى وهو اللطيف الخبير، قد علم ما في الخلق من ضعف، وما هم عليه من قصور ونقص، قد يحملهم على التقصير، واقتراف الذنوب، ففتح لهم سبحانه باب الأمل والرجاء في العفو والمغفرة والإقبال إليه ، وأمرهم أن يلجأوا إلى ساحات كرمه وخزائن فضله، فهو سبحانه رحيم بمن رجاه، قريب ممن دعاه.

﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ ” قالوا : بلى يا رسول الله. قال : ” ذكر الله ”

لفظ الراتب يطلق أساسا على الراتب بالتخصيص كما يطلق على الراتب والحزب معاً، وهو يقوم بدور تعبوي جهادي، عبر فيه الإمام المهدي عن وجدان ديني عميق، وقد سما فيه أسلوبا وغاية، وجاء بأسلوب عربي رصين يحكمه السجع في آخر الفقرات، والسبك المتين للجمل … بحيث يسهل حفظه.

يمثل الراتب الدستور الروحي للمهدية، والمنهج الفكري التعبدي للدعوة. وأن الإمام المهدي عليه السلام هو مصدر الراتب دون شك، فهو إلهام صحيح، وفيه تجربة روحية ذاتية وتضرع، وإن أوثق نص في مدونات الإمام المهدي هو الراتب، وهو ديوان مناجاة روحية لا مثيل له من حيث الامتثال لرب العالمين، وافتقار المحب لرحمته وغفرانه..

وهو يشمل آيات متفرقة وسور مختارة من القرآن الكريم ذات معاني ودلالات و دعوات مأثورات عن الرسول الكريم من الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء السابقين عليهم السلام، واشتمل على ابتهالات الإمام المهدي عليه السلام، ويختتم الراتب بتلاوة حزب من القرآن الكريم في الصباح وحزب في المساء.

كثر الدعاء في الراتب لدرجة تكاد تجعله مجموعة أدعية يتوجه بها لله طلبا للخير ليس للداعي فحسب؛ بل للمسلمين عامة. وتكرر الأدعية فيه ثلاث أو سبع مرات أو مائة مرة.

وهو ذكر لله خالص به التضرع والتذلل والانكسار لله سبحانه وتعالى،

وذلك لترسيخ عقيدة المسلم وتنقية إيمانه من شوائب الشرك ومن الرذائل ولتزكو وتسمو نفسه.

جاء تحديد وقته وفق ما جاء في كتاب الله، وهو تخصيص ساعة بعد الفجر وساعة قبل المغيب باعتبارهما ساعتي استجابة. قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) والوقتان المحددان فيهما تصفو النفس وترنو للتأمل، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾

قراءة الراتب فيها توحيد وتعظيم لله تعالى، وتسبيح وتوبة واستغفار وتوكل وصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تاخذك إلى التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة الدالة إلى فهم وإدراك معانيه  والمراد منه.

وهو لا يقف عند الأدعية والابتهالات فقط وإنما هو منهج تربوي يدعو إلى التضحية والفداء ورؤية عميقة للكون والحياة، والمواظبة عليه تورث صفاء وشفافية وسمواً روحياً.

التحصيل والفوائد من قراءة الراتب هي:

1/ اجتماع القلب والفكر حين القراءة مع التدبر.

2/ استحضار عظمة الله وخشيته .

3/التضرع والاعتماد عليه سبحانه وتعالى .

4/مجاهدة النفس وتذوق حلاوة الإيمان وحلاوة القرآن.

5/التنبيه والتقصير مع الفرح والاستبشار .

6/القشعريرة خوفا من الله تعالى مع غلبة الرجاء والسكينة.

7/الحفظ من العين والحسد ووسوسة الشيطان وكيد الأعداء .

الدعاء مربوط عند الإمام المهدي بالإيمان والذكر والشكر ويستمر الإمام المهدي في التضرع وطلب القرب بإلحاح ثم يتعوذ من سخط مولاه ومن الشيطان الرجيم ويمضي في استلهام وسائل القرب وإظهار الفاقة والاضطرار ثم يقرن دعاءه بالصلاة على النبي وآله وهي من موجبات الإجابة.

نجد أن الإمام المهدي عليه السلام رفض نسبة دعوته لاسمه كما حدث لكثير من الأئمة، بل يسمى المستجيبون للدعوة أنصار الله استجابة للآية التي تخاطب كل المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ). إذن الدعوة لا تخص شخصاً أو فئة بل كافة أهل الإيمان. وكذلك لم يذكر داخله اسمه أو صفة له  أو إشارة تخصه.

سلام على الإمام المهدي في الخالدين … وسلام عليه في زمرة النبيين والصالحين … وسلام على الأئمة من بعده الذين تجردوا ووقفوا وأخلصوا لدينهم ووطنهم.

 المراجع:

1/كتاب العبادات للإمام المهدى

 2/ يسألونك عن المهدية : الصادق المهدى

3/جدلية الأصل والعصر :الصادق المهدى

 4/يسالونك عن الأنصارية  :الدكتور عبد المحمود أبو

5/ تبصرة وذكرى :  الدكتور موسى عبدالله حامد.

6/ دراسة حول راتب الإمام المهدي  :   الدكتور  يوسف حسن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى