عام
أخر الأخبار

أبا الثانية على خطى أبا الأولى

((أبا الثانية على خطى أبا الأولى))

ثلاثة وخمسون عاما مرت على العدوان الذي نفذه النظام الشمولي المايوي على الجزيرة أبا، لقد اعتصم الإمام الهادي ومعه الأنصار في الجزيرة أبا رفضا للانقلاب الذي نفذه الفريق المنفلت من الحزب الشيوعي ومعه الناصريون والانتهازيون أصحاب النزعة الشمولية.

كانت الأهداف واضحة عبر عنها الإمام الهادي عليه رضوان الله في أكثر من موقف، وهي عودة الجيش إلى ثكناته، ورفض الانقلاب الشيوعي، واستعادة الحكم المدني الديمقراطي، إنني في هذه الذكرى أسجل الاتي:

أولا:الدعوة الأنصارية تفجرت في السودان، في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي لنصرة الدين وتحرير الوطن، فانتظم معظم السودانيون فيها، وقدموا أعظم التضحيات من أجل الأهداف التي آمنوا بها

ثانيا:الجهاد في معناه الواسع هو بذل الوسع كله من أجل الانتصار للكرامة والحرية والقيم النبيلة المتمثلة في مكارم الأخلاق وهي معاني جسدتها مقولة الإمام المهدي عليه السلام :”أنا عبد مأمور بإحياء الكتاب والسنة المقبورين حتى يستقيما”وهي ترجمة صادقة لقوله تعالى:( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

ثالثا:التضحية ارتبطت بالدعوة منذ بزوغها، ومنشورات الإمام المهدي الحاثة على الجهاد أكثر من أن تحصى، ولذلك فإن معظم قادة الأنصار ختموا حياتهم بالشهادة في سبيل الله، تشهد بذلك كل معارك المهدية، وخليفة المهدي ومعه من بقي من القادة استشهدوا في ساحة الوغى في أم دبيكرات، والخليفة شريف وصحبه استشهدوا في الشكابة، والإمام الصديق استشهد بالذبحة غضبا على ما حدث للأنصار في خيمة المولد، والإمام الهادي استشهد في طريق الهجرة، والإمام الصادق استشهد بطاعون العصر (كوفيد-19)إذن إن طريق التضحية الذي سأل الإمام المهدي ربه الصبر على شدائده ومشاقه، وأن يقوي نورنا ليهون علينا ذلك؛ هو ما يميز الدعوة في ثوبها الأنصاري

رابعا:النظم الشمولية عطلت السودان وشلت قدراته، ومزقته، وفرقت كلمة أهله، وصادرت ممتلكاتهم؛ فأجبرت الناجحين منهم على الهجرة، وفتحت الباب للفساد والمفسدين، فهي نظم فرعونية قدوتها فرعون الذي قال الله فيه:( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)

خامسا:الأنصار أحيو فريضة الجهاد، ونالوا شرف التصدي للطغاة، في كل العصور، فثورة ديسمبر 2018 ثمرة تراكم فعل ثوري بدأ من الجزيرة أبا 1881م مرورا بكل الحقب حتى يومنا هذا؛ فالطاقة التي أبرزها شبابنا اليوم تدل على عمق جذورها في تاريخ بلادنا وأمتنا، ( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)

سادسا:الذين عاصروا أبا الثانية؛ ذكروا نماذج من البطولات والمواقف ذكرتهم بتضحيات سلفنا الصالح التي سجلها ود سعد في ملحمته :(أصحاب الإمام راكبين عواتي الخيل، قول المهدي فوقو مصممين بالحيل، إلى أن قال:النور عنقرة جرعة عقود السم، داخل في المحاص يضحك ويتبسم،جسمه بالرصاص بحاله موسم، الروح سبلها إلا الأجل ماتم

سابعا:إن في ذكرى أبا الثانية عبرة لمن يعتبر:فالاستبداد ملة واحدة، والسودانيون لا يقبلون بالضيم، والأنصار نذروا أنفسهم لنصرة الدين ونجدة الوطن، وعلاقتهم بأئمتهم علاقة بيعة مبصرة، فمهمة الإمام:الإرشاد والهداية والدلالة، ليتنور قلب الأنصاري، فإذا تنور قلبه تجلت فيه معرفة الله، وبمعرفة الله يوفق إلى صالح الأعمال، وبصالح الأعمال يصل الإنسان إلى الله، ويتأكد هذا المعنى في آخر فقرة من بيعة الأنصار للإمام الهادي عليه الرحمة والرضوان:(والناجي منايأخذ بيد أخيه يوم القيامة)،سلام على الإمام الهادي وصحبه في الخالدين،، مع صالح الدعوات لكل الأئمة من الإمام المهدي حتى الحقاني وصحبهم، نسأل الله أن يوفقنا على حراسة مشارع الحق ويجمعنا بهم في مستقر رحمته، إنه نعم المولى ونعم النصير

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى